فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فسلكه: أي فأدخله، ينابيع: أي عيونا ومجارى، ألوانه: أي أنواعه وأصنافه، يهيج: أي يجف، حطاما: أي فتاتا متكسرا.
شرح مصدر للإسلام: الفرج به والطمأنينة إليه، والنور: البصيرة والهدى، والقسوة: جمود وصلابة في القلب يقال قلب قاس: أي لا يرق ولا يلين، أحسن الحديث: هو القرآن، متشابها: أي يشبه بعضه بعضا في الحسن والأحكام، مثانى: واحدها مثنى من التثنية: أي التكرير، تقشعر: أي تضطرب وتتحرك وتشمئز، تلين: أي تسكن وتطمئن، الخزي: الذل والهوان، يتذكرون: أي يتعظون، غير ذى عوج: أي لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه، قال:
وقد أتاك يقين غير ذى عوج ** من الإله وقول غير مكذوب

ضرب المثل: تشبيه حال عجيبة بأخرى وجعلها مثلا لها، متشاكسون: أي مختلفون يتنازعون لسوء طباعهم وشكاسة أخلاقهم، سلما لرجل: أي خالصا لسيد واحد، والميت بالتشديد من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف من قد مات وفارقته الروح، قال الخليل أنشد أبو عمرو:
وتسألنى تفسير ميت وميّت ** فدونك قد فسرت إن كنت تعقل

فمن كان ذا روح فذلك ميّت ** وما الميت إلا من إلى القبر يحمل

تختصمون: أي تحتكمون للقضاء. مثوى: مقاما من ثوى بالمكان يثوى ثويّا وثواء: إذا أقام به، والذي جاء بالصدق: هو الرسول صلّى اللّه عليه وسلم، وصدق به هم أتباعه، أسوأ الذي عملوا: أي ما عملوه من المعاصي قبل الإسلام، ويجزيهم أجرهم: أي يثيبهم على الطاعات التي فعلوها في الدنيا.
بكاف عبده: أي يكفيه وعيد المشركين وكيدهم، الذين من دونه: هم الأصنام. ذى انتقام: أي مما عاداه وعادى رسوله.
الإسراف: تجاوز الحد في كل ما يفعله المرء، وكثرة استعماله في إنفاق المال وتبذيره، والمراد هنا الإفراط في المعاصي، لا تقنطوا: أي لا تيأسوا، والإنابة: الرجوع. والإسلام للّه: لإخلاص له، أحسن ما أنزل إليكم من ربكم: هو القرآن، بغتة: أي فجأة، يا حسرتا: أي يا حسرتى وندمى، فرّطت: أي قصرت، في جنب اللّه: أي في عبادته وطاعته، لمن الساخرين: أي المستهزئين، كرة: أي رجعة.
وجوههم مسودة: أي ما يظهر عليها من آثار الذل والحشرة، والمثوى: المقام، والمفازة: الظفر بالبغية على أتمّ وجه.
وكيل: أي قيّم بالحفظ والحراسة فيتولى التصرف بحسب الحكمة والمصلحة، مقاليد: أي مفاتيح لفظ فارسى معرّب، واحده إقليد معرب، إكليد جمع جمعا شاذا، ليحبطن عملك: أي ليذهبن هباء ولا يكون له أثر، وما قدروا اللّه حق قدره: أي ما عظموه حق التعظيم على الوجه الذي يليق به، والقبضة: المرة من القبض وتطلق على المقدار المقبوض، بيمينه: أي بقدرته.
الصور: القرن ينفخ فيه، صعق: أي غشى عليه، ينظرون: أي ينتظرون ماذا يفعل بهم؟ وأشرقت الشمس: أضاءت، وشرقت: طلعت، بنور ربها: أي عدله، ووضع الكتاب: أي ووضعت صحائف الأعمال بأيدى العاملين، بالحق: أي بالعدل، ما عملت: أي جزاء ما عملت.
السوق: الحث على السير بعنف وإزعاج علامة على الاهانة والاحتقار، والزمر: الأفواج المتفرقة بعضها في إثر بعض، والخزنة: واحدهم خازن نحو سدنة وسادن، وينذرونكم: أي يخوّفونكم، حقت: أي وجبت. اهـ. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة الزمر:
وهي مكية.
قال وهب بن منبه من أحب أن يعرف قضاء الله جل وعز في خلقه فليقرأ سورة الغرف.
قال مجاهد عن ابن عباس هي مكية إلا ثلاث آيات منها فإنهن نزلن بالمدينة في وحشي قاتل حمزة صلوات الله على حمزة اسلم ودخل المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيق أن ينظر إليه فتوهم أن الله جل وعز لم يقبل إيمانه فأنزل الله جل وعز: {قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} إلى آخر الثلاث الآيات.
1- من ذلك قوله جل وعز: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} (آية 1) يجوز أن يكون المعنى تنزيل الكتاب من عند الله، وأن يكون المعنى هذا تنزيل الكتاب.
2- ثم قال جل وعز: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين} (آية 2) أي بما حق في الكتب من إنزاله عليك ويجوز أن يكون المعنى ألزمك إياه بحقه عليك وعلى خلقه.
وقيل المعنى يأمر بالعدل والحق.
3- ثم قال تعالى: {فاعبد الله مخلصا له الدين} (آية 2) أي لا تعبد معه غيره وحكى الفراء له الدين برفع الدين وهو خطأ من ثلاثة جهات: إحداها أن بعده {ألا لله الدين الخالص} فهو يغني عن هذا وأيضا فلم يقرأ به وأيضا فإنه يجعل مخلصا التمام والتمام عند رأس الآية أولى.
4- ثم قال جل وعز: {ألا لله الدين الخالص} (آية 3) أي يعبد وحده لأن من الناس من له دين ولا يخلصه لله جل وعز وروى معمر عن قتادة ألا لله الدين الخالص قال: لا إله إلا الله.
5- ثم قال جل وعز: {والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (آية 3) قال قتادة أي منزلة وقال الضحاك أي إلا ليشفعوا لنا قال أبو جعفر وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ومجاهد {والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وفي حرف أبي {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال أبو جعفر والحكاية في هذا بينة.
6- وقوله جل وعز: {لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء} (آية 4) واتصال هذا بالأول يدل على أن هؤلاء ممن اتخذ من دون الله أولياء واصطفى اختار 6- وقوله جل وعز: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} (آية 5).
قال قتادة أي يلقي هذا على هذا وهذا على هذا قال أبو جعفر اصل التكوير في اللغة اللف والجمع ومنه كور العمامة ومنه {إذا الشمس كورت}.
7- وقوله جل وعز: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها} (آية 6) {ثم} هاهنا تدل على أن الإخبار الثاني بعد الأول وقال قتادة {ثم جعل منها زوجها} حواء خلقها من ضلع من أضلاعه وقيل يكون خلقه الزوج مردودا على واحد أي على نفس وحدها ثم جعل منها زوجها.
8- ثم قال جل وعز: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} (آية 6) أي أصناف قال مجاهد من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضان اثنين ومن المعز اثنين قال قتادة هي مثل التي في الأنعام.
9- ثم قال جل وعز: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} (آية 6) قال مجاهد والضحاك نطفة ثم علقة ثم مضغة حتى يتم الخلق ثم قال تعالى: {في ظلمات ثلاث} (آية 6) قال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك في ظلمة الرحم وفي ظلمة المشيمة وفي ظلمة البطن وقيل في الصلب ثم في الرحم ثم في البطن وهذا مذهب أبى عبيدة والأول أصح.
10- وقوله جل وعز: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} (آية 7) أي يرضى الشكر لكم ودل تشكروا على الشكر.
11- وقوله جل وعز: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه} (آية 8) روى سعيد عن قتادة قال مخلصا.
قال أبو جعفر يقال أناب إذا رجع وتاب.
12- وقوله جل وعز: {ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل} (آية 8) أي أعطاه واباحه وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد:
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا ** وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا

ثم قال: {نسي ما كان يدعو إليه من قبل} (آية 8) أي نسي الذي كان يدعو الله جل وعز به من قبل ويجوز أن يكون المعنى نسي الله الذي كان يدعوه كما قال تعالى: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} وفي قوله تعالى: {قل تمتع بكفرك قليلا} معنى التهديد.
13- وقوله جل وعز: {وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله} [آية: 8] قال السدي الأنداد من الرجال يطيعهم في المعاصي وقيل عبد الأوثان وهذا أولى بالصواب لأن ذلك في سياق عتاب الله عز وجل إياهم على عبادتها.
14- وقوله جل وعز: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} (آية 9).
أي مصل والقنوت الطاعة قال الحسن وقتادة {آناء الليل} ساعاته أوله واوسطه وآخره قال أبو جعفر قال الأخفش قراءة من قرأ {أمن هو}؟ بالتخفيف ضعيفة في العربية لأن الف الاستفهام لا يعتمد على ما قبلها قال أبو جعفر الذي قاله الأخفش حسن يدل عليه أن الذي في سورة النمل لم يقرأ إلا مثقلا ومعنى كلامه أن الكلام معتمد على ما قبله ليس له خبر وإنما دل عليه ما قبله لأنه قال جل وعز: {وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله}.
فحذف الخبر لأن المعنى أمن هو مطيع كهذا أو أمن هو مطيع أفضل أم هذا وهذا موضع أم التي بمعنى بل كما قال:
أفتلك أم وحشية مسبوعة ** خذلت وهادية الصوار قوامها

وقوله:
أذلك أم جاب يطارد آتنا ** حملن فأدنى حملهن دروص

ومن قرأ بالتخفيف فالخبر أيضا عنده محذوف وهو شئ غامض في العربية لا يأنس به إلا من درب بها كما قال:
فأقسم لو شئ أتانا رسوله ** سواك ولكن لم نجد لك مدفعا

أي لدفعناه فعلى هذا يقع الحذف وقيل هو نداء أي يا من هو قائم آناء الليل.
15- وقوله جل وعز: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} (آية 9) قرأ سعيد بن جبير {يحذر عذاب الآخرة} والمعنى واحد.
16- وقوله جل وعز: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} (آية 9) أي كما لا يستوي العالم والجاهل كذا لا يستوي المطيع والعاصي وقيل {الذين يعلمون} ما لهم في الطاعة وما عليهم في المعصية ثم قال {إنما يتذكر أولو الألباب} أي العقول ولب كل شئ خالصه.
17- وقوله جل وعز: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة} (آية 10) قيل الحسنة الجنة وقيل المعنى لهم حسنة في الدنيا أي ثناء حسن وطمأنينة بما لهم وقوله جل وعز: {وأرض الله واسعة} (آية 10) قال مجاهد أي فهاجروا واعتزلوا الأوثان.
18- وقوله جل وعز: {فاعبدوا ما شئتم من دونه} (آية 15) على الوعيد وهذا قبل الأمر بالقتال.
19- ثم قال جل وعز: {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} (آية 15) أي خسروا أنفسهم بالتخليد في النار وأهليهم بأنهم لم يدخلوا الجنة فيكون لهم أهلون وروى معمر عن قتادة قال ليس أحد إلا وقد أعد الله له أهلا في الجنة إن أطاعه.
20- وقوله جل وعز: {ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون} (آية 16) أي ذلك الذي وصف من العذاب 21- وقوله جل وعز: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} (آية 17).
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الطاغوت الشياطين قال أبو جعفر وقد بينا هذا في سورة البقرة.
22- وقوله جل وعز: {فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} (آية 18) في معنى هذا قولان: القول الأول قال الضحاك {يستمعون القول} القرآن و{أحسنه} ما أمر الله جل وعز به الأنبياء من طاعته فيتبعونه.
والقول الآخر: أنهم يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن قال أبو جعفر القول الأول حسن والمعنى أنهم إذا سمعوا بالعقوبة والعفو عفوا ورأوا أن العفو افضل وغن كانت العقوبة لهم.
23- وقوله جل وعز: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار} (آية 19) يقال كيف جئ باستفهامين وقد أجمع أهل العربية أنه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره؟ ففي هذا جوابان: أحدهما أن العرب إذا طال الكلام كررت توكيدا وكذلك قال سيبويه في قول الله جل وعز {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}؟ المعنى على هذا افمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟ والكلام شرط وجوابه وجئ بالاستفهام ليدل على التوقيف والتقرير قال الفراء المعنى أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب؟ قال أبو جعفر وهذا والأول واحد والجواب الآخر أن في الكلام حذفا والمعنى افمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص أو ينجو؟ ثم حذف الجواب وكان ما بعده مستأنفا والمعنى افمن سبق في علم الله جل وعز أنه يدخل النار ينجو أو يتخلص؟
24- وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} (آية 21) يروى إن كل ماء في الأرض فاصله من السماء.
وقد يجوز أن يكون إنزاله إياه خلقه له وتكوينه بأمره وقوله تعالى: {فسلكه} أي فادخله فجعله ينابيع جمع ينبوع يفعول من نبع ينبع {ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه} أي أخضر وأسود وأصفر وأبيض، {ثم يهيج فتراه مصفرا} أي يجف قال الأصمعي: يقال للنبت إذا تم جفافه: قد هاج يهيج هيجا، {ثم يجعله حطاما} أي رفاتا.
25- ثم قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب} (آية 21) أي يفكرون فيذكرون أن هذا دال على توحيد الله جل وعز وقدرته.
26- وقوله جل وعز: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} (آية 22) في الكلام حذف والمعنى افمن شرح الله صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فلم يهتد؟ وفي الحديث قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ينشرح القلب؟ قال نعم «إذا أدخل الله فيه النور انشرح وانفسح قالوا فهل لذلك من علامة قال نعم!! التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والإعداد للموت قبل لقاء الموت».
27- ثم قال جل وعز: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} (آية 22).
قيل معنى من وعن هاهنا واحد قال أبو جعفر وليس هذا بشئ فمعنى من إذا تليت عليهم آياته قسوا كما قال تعالى: {واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم} وإذا قال عن فمعناه قست قلوبهم وجفت عن قبول ذكر الله.
28- وقوله جل وعز: {والله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} (آية 23) روى الشعبي عن عون بن عبد الله قال قالوا يا رسول الله حدثنا فنزلت {الله نزل أحسن الحديث} قال قتادة {متشابها} أي لا يختلف قال أبو جعفر والمعنى أنه يشبه يكون بعضه بعضا في الحكمة والحق كما قال جل وعز {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.